لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
56244 مشاهدة
أثر ادعاء الصوفية تحقق رؤية الله في الدنيا

...............................................................................


فدعاوي هؤلاء الصوفية لا أصل لها ولا حقيقة لها , الذين يدعون أنهم رأوا الله تعالى قد وصل بهم الأمر إلى أن ادعوا أنهم مستغنون عن الشرع بما يفتح على قلوبهم في زعمهم, وبأنهم تحدثهم قلوبهم بما يلقى فيها, أو يقذف فيها, فيقول بعضهم: حدثني قلبي عن ربي. وفي النظم الذي ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان شيء مما ينتقد على مثل هؤلاء, المنظومة التي أولها:
ذهب الرجال وجال دون مجالهم
زمر من الأوباش والأنـذال
زعـموا بأنهمُ على آثارهم
ساروا.. ولكن سيرة البطال
إن قلت قال الله قال رسوله
همزوك همز المنكر المتغالي
أوقلت قد قال الصحابة والألى
تبعوهمُ في القول والأفعال
أوقلت قال الآل آل المصطفى
صلى عليه الله أفضـل آل
أوقلت قال الشافعي ومالك
وأبو حنيفة والإمام العـالي
أوقلت قال صحابهم من بعدهم
فالكل عنـدهم كشبه خيال
ويقول قلبي قال لي عن سره
عن سر سري عن صفا أحوالي
عن حضرتي عن فكرتي عن خلوتي
عن شاهدي عن واردي عن حـالي
عن صفو وقتي عن حقيقة مشهدي
عن سر ذاتي عن صفات فعالي
دعوى إذا حققتها ألفيتهـا
ألقاب زور لفقـت بمحـالِ
فالحاصل أن هذه هي دعواهم: حدثني قلبي عن ربي, أو يقول مثل ما قال هنا: قال لي قلبي, أو قال لي سري, أو مثل ما ذكر
عن صفو وقتي عن حقيقة مشهدي
عن سر ذاتي عن صفات فعالي
فلا شك أن هؤلاء الذين يقولون مثل هذا, ويعرضون عما كان عليه السلف الصالح, وما جاءت به الشريعة أنهم أضل الناس, وأبعدهم عن الصواب, فلا يغتر بهم.
فالحاصل أن في هذه الوصية تحذير لأتباع عدي ولمن يخاف عليه من هذه الأقوال التي يروجها الصوفية, يخاف عليهم أن ينخدعوا بمثل هذه الحكايات وهذه الروايات فيتركوا الشريعة, ويتبعوا هؤلاء الكذابين، ولا شك أنهم إذا تبعوا ما توحيه إليه أنفسهم, وما توسوس إليهم به شياطينهم, مخرقوا في الكلام, وصدوا عن سبيل الله, وأوهموا أتباعهم أنه لا حاجة بكم إلى هذه العبادات, ولا إلى تحريم هذه المحرمات, وما أشبهها, مما يكون سببا في تعطيل الشريعة, فينتبه لمثل هذا, ويكون المؤمن حذرا من أن يسمع, أو يقرأ في كتبهم؛ لما فيه مدح مريديه ورفع مقامه, وأنهم وصلوا إلى ما لم يصل إليه نبي أو رسول.
نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله العفو والغفران, وفيما يأتي يتبين أيضا زيادة الإيضاح لمقالة هؤلاء، والله تعالى أعلم.
صحيح أننا قد ذكرنا في أول الكلام أن قوله: رأيت ربي في أحسن صورة, وأنه وضع يده على صدري حتى وجدت برد أنامله في صدري أن هذه رؤيا منام، وأن الإنسان يرى الله تعالى في المنام, ولكن لا تدل تلك الرؤية على أن الله على تلك الصفة, ولا على تلك الحالة؛ ذلك لأن النائم يتخيل إليه ما يتخيل من الأشياء الغيبية, أو من الأمور الخفية, أو ما أشبه ذلك, فيقول: رأيت كذا, وهو إنما رأى خيالات, فرؤية الله تعالى في المنام إنما هي تصور شيء يتصوره في اليقظة, أو يتصوره في المنام, ولا تدل على أن الله على تلك الكيفية.